فصل: تفسير الآية رقم (28):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (28):

{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)}
{آلِ} {إِيمَانَهُ} {بالبينات} {كَاذِباً}
(28)- وَتَوَلَّى الدِفَاعَ مُوسَى، لِصَرْفِ فِرْعَونَ عَمَّا اعْتَزَمَهُ مِنْ قَتلِهِ، رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ بَيْتِ فِرْعَوْنَ، كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ خَوْفاً مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ، فَقَالَ لِفِرْعَوْنَ: أَيَنْبَغِي لَكُمْ أَن تَقْتَلُوا رَجُلاً لَمْ يَرْتَكِبُ ذَنْباً سِوَى أَنَّهُ قَالَ: رَبِّي اللهُ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِدَلالاتٍ وَبَرَاهِينَ عَلَى صِدْقِهِ، وَمِثْلُ هَذَا القَوِلِ لا يَسْتَدْعِي قَتْلاً. فَإِذَا كَانَ مُوسَى كَاذِباً فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَأْمُرَكُمْ بِعِبَادَتِهِ تَعَالَى، وَتَرْكِ دِينكُمُ الذِي أَنْتمْ عَلَيْهِ، فَإِثْمُ كَذِبِهِ يَعُودُ عَلَيْهِ هُوَ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنْ إِثْمِهِ شَيءٌ. وَإِنْ كَانَ صَادِقاً فِيمَا يَقُولُ فلا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَقْتلُوهُ لأَنَّكُمْ إِنْ قَتَلْتُمُوهُ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَلَيْكُمْ لِكُفْرِكُمْ، وَلِقَتْلِكُمْ رَسُولَهُ، وَاسْتَوْجَبْتُمْ عِقَابَهُ الذِي أَنْذَرَكُمْ بِهِ مُوسَى، وَلَوْ كَانَ كَاذِباً كَمَا تَزْعُمُونَ لَكَانَ أَمْرُهُ افْتَضَحَ، وَلَمَا هَدَاهُ اللهُ، وَلَمَا أَيْدَهُ بِمُعْجِزَاتِهِ وَآيَاتِهِ، لأَنَّ اللهَ تَعَالَى لا يَهْدِي إِلَى الحَقِّ والصَوابِ مَنْ كَانَ كَذَّاباً مُسْرِفاً فِي كَذِبِهِ.

.تفسير الآية رقم (29):

{يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)}
{ياقوم} {ظَاهِرِينَ}
(29)- وَتَابَعَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَعْظَهُ لِفِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ لِيُثبِّطَهُمْ وَيَصْرِفَهُمْ عَنْ قَتْلِ مُوسَى، فَقَالَ لَهُمْ: لَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْكُمْ بِهَذَا المُلْكِ، وَبِالظُّهُورِ فِي الأَرْضِ بِالكَلِمَةِ النَّافِذَةِ، وَالجَاهِ العَرِيضِ، فَرَاعُوا هِذِهِ النَّعْمَةَ، وَلا تُفْسِدُوا أَمْرَكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلا تُعَرِّضُوا أَنْفُسَكُمْ لِبَأْسِ اللهِ وَعَذَابِهِ بِقَتْلِهِ، فَإِنَّهُ لا قِبَلَ لَكُمْ بِذَلِكَ، وَإِذَا جَاءَكُمْ بَأْسُ اللهِ لَمْ يَمْنَعْكُمْ مِنْهُ أَحَدٌ.
وَلَمَّا سَمِعَ فِرْعَوْنُ قَوْلَ هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: إِنَّهُ لا يَقُولُ لَهُمْ، وَلا يُشَيرُ عَلَيْهِم إِلا بِمَا يَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَدْعُوهُمْ إِلا إِلَى طَرِيق الحَقِّ والصِّدْقِ والرُّشْدِ.
(أَيْ إِنَّهُ لا يُشِيرُ عَلَيْهِمْ بِرَأيٍ سِوى قَتْلِ مُوسَى حَسْماً لِلْفِتْنَةِ، وَإِنَّهُ يَرى هَذَا هُوَ سَبِيلَ الرَّشَادِ).
ظَاهِرينَ- عَالِينَ غَالِبينَ.
بَأْسِ اللهِ- عَذَابِهِ وَنقْمَتِهِ.
مَا أُرِيكُمْ- مَا أُشِيرُ عَلَيْكُمْ.

.تفسير الآية رقم (30):

{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)}
{آمَنَ} {ياقوم}
(30)- وَقَالَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ نَاصِحاً فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ، يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ إِنْ كَذَّبُتم مُوسَى، وَتَعَرَّضْتُمْ لَهُ بِسُوءٍ، أَنْ يَحِلَّ بِكُمْ مِثْلُمَا حَلَّ بِمَنْ تَحَزَّبُوا وَاجْتَمَعُوا عَلَى تَكْذِيبِ أَنْبِيَائِهِمْ مِنَ الأُمَمِ المَاضِيَةِ.
الأَحْزَابِ- الأُمَمِ المُتَحَزِّبَةِ عَلَى رُسُلِهَا.

.تفسير الآية رقم (31):

{مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31)}
(31)- مِثْلُ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَقَدْ نَزَلَ بِهِمْ بَأْسُ اللهِ وَعَذَابُهُ فَلَمْ يَجدوا لَهُمْ مَنْ يَنْصُرُهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ، وَلَمْ يُهْلِكِ اللهُ هَذِهِ الأُمَمَ المُكَذِّبَةَ ظُلْماً، وَإِنَّمَا أَهْلَكَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، وَمَا اجْتَرَحُوهُ مِنْ آَثَامٍ.
دَأَبِ- عَادَةٍ فِي الإِقَامَةِ عَلَى الكُفْرِ والتَّكْذِيبِ.

.تفسير الآية رقم (32):

{وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32)}
{ياقوم}
(32)- ثُمَّ خَوَّفَهُمْ هَذَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ مِنْ عَذَابِ اللهِ فِي الآخِرَةِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ يَخَافُ عَلَيْهِمْ عَذَابَ يَوْمِ القِيَامَةِ.
يَوْمَ التَّنَادِ- هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ إِذْ يَهْلَعُ النَّاس فَيَنْطلِقُونَ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً.

.تفسير الآية رقم (33):

{يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}
(33)- إِذْ تَهْرُبُونَ مُدبِرِينَ مِنْ زَفِيرِ النَّارِ وَشَهِيقِهَا، فَلا يُجْدِيكُمْ ذَلِكَ شَيئاً، وَلا تَجِدُونَ مَنْ يَعْصمُكُمْ مِنَ العَذَابِ، وَتُردُّونَ إِلَيهِ، وَيَنَالُكُمْ مِنْهُ مَا قُدَّرَ لَكُمْ، وَمَنْ يُضْلِلْهُ اللهُ لا يَجِد لَهُ هَادِياً مِنَ الخَلْقِ.
عَاصِمٍ- مَانِعٍ وَدَافِعٍ.

.تفسير الآية رقم (34):

{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)}
{بالبينات}
(34)- وَلَقَدْ جَاءَ يُوسُفُ أَسْلافَكُمْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ بِالآيَاتِ الوَاضِحَاتِ، وَالمُعْجِزَاتِ البَاهِرَاتِ فَارْتَابُوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ، وَشَكُّوا فِي صِدْقِهِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، حَتَّى إِذَا مَاتَ قَالُوا: لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً يَدْعُوا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيُحَذِّرُهُمْ مِنْ نِقَمِهِ وَبَأْسِهِ. وَاللهُ تَعَالَى يُضِلُّ مِثْلَ هَذَا الضَّلالِ البَيِّنِ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ فِي مَعَاصِيهِ شَاكٌ فِي وَحْدَانِيَّةِ الله.
مُرْتَابٌ- شَاكٌّ فِي دِينِ اللهِ وَوحدَانِيَّتِهِ.

.تفسير الآية رقم (35):

{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)}
{يُجَادِلُونَ} {آيَاتِ} {سُلْطَانٍ} {أَتَاهُمْ} {آمَنُواْ}
(35)- وَهَؤُلاءِ المُسْرِفُونَ المُرْتَابُونَ هُمُ الذِينَ يُجَادِلُونَ فِي حُجَجِ اللهِ التِي أَتَتْهُمْ بِهَا رُسُلُهُ لِيَدْحَضُوهَا بِالبَاطِلِ، دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ وَلا بُرْهَانٌ عَلَى صِحَّةِ مَا يَقُولُونَ. وَيَسْتَتبْعُ ذَلِكَ الجَدَلُ المَقْتَ الكَبِيرَ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَعِنْدَ المُؤْمِنِينَ. وَكَمَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِ المُسْرِفِينَ الذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ، كَذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَطْبَعُ عَلَى قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ يَسْتَكْبِرُ عَنِ الإِيْمَانِ بِاللهِ، وَعَنْ تَصْدِيقِ رُسُلِهِ، وَيَتَجَبَّرُ فِي الأَرْضِ بِالقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
بِغَيْرِ سُلْطَانٍ- بِغَيْرِ بُرْهَانٍ أَوْ حُجَّةٍ.
كَبُرَ مَقْتاً- عَظُمَ جِدَالُهُمْ بِغَيْرِ حُجَّةِ بُغْضاً.

.تفسير الآية رقم (36):

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36)}
{ياهامان} {الأسباب}
(36)- وَلَمَّا سَمِعَ فِرَعَوْنَ المُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِهِ الذِي كَانَ يَكْتُمْ إِيْمَانَهُ، قَالَ لِوَزِيرِهِ هَامَانَ مُسْتَهِزئاً: يَا هَامَانُ ابْنِ لِي قَصْراً مُنِيفاً عَالِياً، لَعَلِّي أَصْعَدُ فَأَبْلغُ طُرُقَ السَّمَاوَاتِ وَأَبْوَابَهَا.
صَرْحاً- قَصْراً مُنِيفاً عَالِياً.

.تفسير الآية رقم (37):

{أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}
{أَسْبَابَ} {السماوات} {كَاذِباً}
(37)- فَإِذَا وَصَلْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ رَأَيْتُ إِلَهَ مُوسَى، وَإِنِّي لأَظُنُّ مُوسَى كَاذِباً فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ أَنَّ لَهُ إِلهاً فِي السَّمَاءِ أَرْسَلَهُ إِلَيْنا نَبِيّاً. وَهَكَذَا زَيَّنَ الشَّيْطَانُ لِفِرْعَوْنَ عَمَلَهُ السَّيِئَ هَذَا، فَأَوْغَلَ فِي كُفْرِهِ وَعِنَادِهِ، وَصَدِّهِ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، بِمِثْلِ هَذهِ الشُّبَهِ والتَّمْوِيَهَاتِ، وَلَنْ يَكُونَ كَيْدُ فِرْعَوْنَ واحْتِيَالُهُ فِي بِنَاءِ الصَّرْحِ لِيَصْعَدَ إِلَيهِ، فَيَطِّلِعَ إِلَى إِلهِ مُوسَى إِلا خَسَاراً وَبَاطلاً يَلْحَقُهُ.
كَيْدٌ- احْتِيَالٌ وَتَدْبِيرٌ.
تَبَابٍ- خَسارٍ وَهَلاكٍ.

.تفسير الآية رقم (38):

{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38)}
{آمَنَ} {ياقوم}
(38)- وَقَالَ الرَجُلِ الصَّالِحُ المُؤْمِنُ: يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِي تَرْشُدُوا، وَتَهْتَدُوا إِلَى دِينِ اللهِ الذِي أَرْسَلَ إِلَيكُمْ مُوسَى رَسُولاً.

.تفسير الآية رقم (39):

{يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)}
{ياقوم} {الحياة} {مَتَاعٌ}
(39)- وَيَا قَوْمِ إِنَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنْ نَعِيم وَتَرَفٍ إِنْ هِيَ إِلا مَتَاعٌ قَلِيلٌ زَائِلٌ لا يَدُومِ، تَتَمَتَّعُونَ بِهِ ثُمَّ تَبْلُغُونَ أَجَلَكُمْ فَيَنْزِلُ بِكُم المَوْتُ، أَمَّا الدَّارُ الآخِرَةُ فَهِيَ دَارُ الاسْتِقَرَارِ والبَقَاءِ التِي لا زَوَالَ لَهَا، فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً، وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً، دَخَلَ الجَنَّةَ، وَبَقِيَ فِيهَا خَالِداً أَبَداً.

.تفسير الآية رقم (40):

{مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)}
{صَالِحاً} {فأولئك}
(40)- فَمَنْ عَمِلَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا عَمَلاً سَيَّئاً، أَوِ اجْتَرَحَ إِثْماً فَإِنَّهُ لا يُعَاقَبُ إِلا بِمِقْدَارِ عَمَلِهِ، دُونَ مُضَاعَفَةٍ لِلْعِقَابِ. وَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً، ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَهُوَ مُؤْمِنٌ، دَخَلَ الجَنَّةَ، وَتَمَتَّعَ بِمَا فِيهَا مِنْ رِزْقٍ كَرِيمٍ، وَنَعِيم بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا تَحْدِيدٍ.
بِغَيْرِ حِسَابٍ- بِلا تَحْدِيدٍ وَلا نِهَايَةٍ فِي الرِّزْقِ.

.تفسير الآية رقم (41):

{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)}
{ياقوم} {النجاة}
(41)- ثُمَّ كَشَفَ هَذَا المُؤْمِنُ عَنْ إِيْمَانِهِ، فَأَعْلَنَهُ لِقَوْمِهِ، وَقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي لِمَاذَا أَدْعُوكُمْ أَنَا إِلَى النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، بِالإِيْمَانِ بِاللهِ، وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ، وَتَدْعُونَنِي أَنْتُمْ لأَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ بِالبِقَاءِ عَلَى الكُفْرِ، والعَمَلِ السَّيِّئِ.

.تفسير الآية رقم (42):

{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42)}
{الغفار}
(42)- فَأَنْتُمْ تَدْعُونَنِي إِلَى الكُفِرِ بِاللهِ والإِشْرَاكِ بِهِ مَنْ دُونَهُ، بِغَيْرِ بُرْهَانٍ وَلا دَلِيلٍ عَلَى صِحَّةِ مَا تَدْعُونَنِي إِلَيهِ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ خَالِقِ كُلِّ شَيءٍ، وَقَاهِرِ كُلِّ شَيءٍ، وَهُوَ الغَفَّارُ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ إِذَا اسْتَغْفَرُوهُ وَأَنَابُوا إِلَيهِ.

.تفسير الآية رقم (43):

{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)}
{أَنَّمَا} {أَصْحَابُ}
(43)- لا شَكَّ فِي أَنَّ مَا تَدْعَوَننِي أَنْتُمْ إِلَى عِبَادَتِهِ مِنَ الأَصْنَامِ والأَوْثَانِ لا يُجِيبُ دَعْوَةَ مَنْ يَدْعُوهُ، فَهُوَ لا يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ، لا فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ. وإِنَّ مَرَدَّنا جَميعاً في الآخِرَةِ سَيَكُونُ إِلى اللهِ تَعَالَى الوَاحِدِ الأَحَدِ، وَإِنَّ المُسْرِفِينَ المُتَجَاوزِينَ الحَدَّ بِالكُفْرِ والشِّرْكِ سَيَكُونُونَ هُمُ الذِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ وَيُعَذَّبُونَ فِيهَا.
لا جَرَمَ- لا مَحَالَةَ أَوْ حَقاً أَوْ لا شَكَّ.
لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ- مُسْتَجَابَةٌ.